السلام عليكم ..
تعود مدينة الفلوجة مرة اخرى الى واجهة الأحداث , وتعود مادة لكل وسائل الإعلام في العالم ..
استمدت مدينة الفلوجة شهرتها من كونها مدينة المواجهة الأولى ضد قوات الاحتلال الأمريكي عام 2004 , ومن هناك باتت هدفا لجميع الحكومات التي تعاقبت على العراق وكلما جاء رئيس حكومة كانت خطة إنقاذ العراق تبدأ من مدينة الفلوجة باعتبارها معقل المقاومة ، واعتبار محافظة الأنبار طوقا ناريا يحيط بالعاصمة بغداد التي لم تعرف الأمن ولا السلام منذ الإحتلال ..
ويتردد حاليا عالميا " معركة تحرير الفلوجة " ولكن تحريرها ممن ؟
الهدف المعلن هو تحريرها من تنظيم الدولة الإسلامية , فيما على أرض الواقع تبدو الأمور عكس ذلك تماما، فالتنظيم لديه إستراتيجية الكر والفر، وترك مواقعه لإعادة التموضع، بناء على خطط عسكرية متقنة، ومواجهات دامية مع جيش الحكومة العراقية والحشد الشعبي، فيما الهدف الخفي للتحرير المنشود هو ضد ما تبقى من أهل السنة في الفلوجة والبلدات المجاورة، وهذا ما لا ينكره حتى قادة الحشد الشعبي وهم القوة الضاربة في الجيش العراقي ..!
إعتقد ان حكومة بغداد استغلت فرصة الانقضاض على الفلوجة بذريعة تحريرها من تنظيم الدولة لتواجه بها مشاكلها مع المحافظات الجنوبية ومع المرجعيات وعلى رأسهم الصدر الذي اقتحم أتباعه مجلس النواب غير مرة وحاولوا اقتحام مبنى الحكومة، ولهذا فهم استغلوا موافقة التحالف الدولي ضد التنظيم لتغيير خطة تحرير الموصل، إلى تحرير الفلوجة،لأن الفلوجة والمدن الصغيرة هي الأقرب إلى بغداد، وهي المحاذية لمحافظات الجنوب وكربلاء والنجف حيث المرجعيات، ما يخفف الضغط عليه، ويغير سلم الأولويات بالنسبة لأولئك الرافضين للحكومة وسياساتها التي لم تلب احتياجاتهم المعيشية ..
في حصار الفلوجة الأخير سجل التاريخ العراقي من جديد مآسي وويلات وانتهاكات إنسانية كارثية بحق يصعب حصرها في مثال واحد , وبات واضحا إن المشهد اليوم في العراق ينبئ بكارثة مستقبلية على الصعيد الديموغرافي والجغرافي سيؤثر بالنتيجة على استمرار بقاء النظام السياسي في العراق بهذا الشكل، نتيجة اقتناع العرب السنة أنهم باتوا ضحية خداع ومؤامرة مشتركة من قبل الحكومات الشيعية وجيشها في بغداد وحكومات كردستان الكردية وجيشها من البيشمركة التي تعمد هي الأخرى إلى تهجير السنة من مناطقهم، وهذا سيؤثر بالتالي على دول الجوار العربي وخصوصا المملكة والأردن وجميع من يصمت على الخروقات الفاضحة والجرائم ضد الإنسانية ، وهذا سيؤسس بلا شك لبروز تنظيمات مسلحة جديدة أكثر ضراوة من تنظيم الدولة , لأن عناصرها هم ضحايا الإرهاب الحكومي والطائفي في العراق، وستبقى الفلوجة تحاصر بغداد بالرعب والكوابيس السياسية والعسكرية حتى لو انتهى تنظيم داعش للأبد ..