السلام عليكم ..
صُعِقَ العالمُ الإسلامي بالتفجير الإجرامي على بُعْدِ أمتارٍ من أشرفِ بُقعةٍ على وجه البسيطة , مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
لا يمكن إعتبار هذه الجريمة حادثاً إرهاباً فقط بل هو حادثٌ نوعيٌّ بكل معاني الكلمة ليس له مثيل الا حادث إحتلال الحرم المكي من قبل عصابة جهيمان ..
وفي هذه اللحظة التاريخيّة من عمر بلادنا الغالية ، تجدر مصارحةُ أنفسنا مُستشعرين أحوالَنا مُشَخِّصين واقعنا فالوقت وقتُ تَآزُرٍ و تصحيحٍ ولا بد من الوقفات التالية :
١ – لا يصح أن يمرَّ حادثُ التفجير قربَ المسجد النبويِّ مثل بقيّةِ الحوادث الإرهابية ..
٢ – هذا الحادث ( حادثٌ نوعيٌّ ) بكل المعاني ولا أجد أشنع منه يمكن أن يمر ببلادنا مكاناً بجوار الحرم النبويّ ولا زماناً في رمضان ..
٣ – مادام ( حادثاً نوعياً ) فينبغي دراسةُ مسبباته و ظروفه و أبعاده و أهدافه ( العلنية ) و ( السرية ) للتعامل معها بالحزم الذي إستعادتْ بلادنا زمامَه ..
٤ – آنَ لنا جميعا ان ندرك ان المسألة ليست في المناهج ولا حلقات تحفيظ القرآن , وانما هي تعدت ذلك بمراحل كثيرة ..
لقد برع أعداءُ بلادنا طوال الحقبة الماضية في إضعافِ أحوالِنا بطرقٍ شَتَّى ، ظاهرةٍ و خفيَّةٍ ، أضاعت ( الوسطيّة ) وإتخذوا ( التطرّف الديني ) ذريعةً لبذرِ ( تطرفٍ ليبراليٍ ) مُصادمٍ للمجتمع و مُناوئٍ لتعاليمِ الخالقِ الرشيدةِ و سنَّةِ نبيِّه السمحاء , وهدفُهم البعيد ليس فقط ( مناقضة ) القيم الدينية و الإجتماعية السعودية التي لم تكن يوماً محلَّ إستنكار المسلمين , بل الهدف أن يأتي يومٌ يُقالُ فيه ، بعد تَهَيئةِ الظروف الدولية من قوى عظمى و إقليمية و أممٍ متحدةٍ ، ( إن الحرميْن يستوجبان التدويل ) ليُسْلَخا من الجسدِ الأمِّ الذي يُبْعَدُ تدريجياً عن قِيَمِ الحرميْن بذرائع متعددة ..
أي يكون هناك بُعْدان لملف التدويل ، هما ( كراهيةُ المسلمين أن يَرَوْا ممارساتٍ يستنكرونها ببُلدانهم تُقامُ في بلاد الحرميْن ) و ( إخراجُ الحرمين من دائرةِ إستهدافِ معارضي المملكة حمايةً لهما )
٥ – تستشعر الدولُ عادة طريقيْن لتحصينهما من الأعداء ..
• ( طريقُ الله ) .. باستنصارِه و إستدرارِ مَدَدِه ..
• ( طريق و أعِدُّوا لهم ما إستطعتُم من قوّةٍ ) .. و هي تشمل القوات ( العسكريّةَ – الأمنيّةَ – السياسية ) و قد ظهر تفوُّقُنا فيها و لله الحمد .. و بقيتْ أسلحةٌ أخرى تائهةٌ منذ عشر سنوات عن الوطن و قضاياه الحقيقية و تحدياته الإقليمية والمستقبلية و منها مثلاً ( الإعلام ) داخلياً و خارجياً .
لذلك وجب علينا :
أ – إستعادة علاقتنا مع الله .. باستنصارِه و إستدرارِ مَدَدِه و دعائه و إجلالِ أوامرِه و نواهيه حتى لو خالفتْ هَوانا و مُستشارينا و مفكِّرينا ..
ب – مراجعةُ كلِّ ما شَرّعناه أو سمحنا به خلال السنوات الماضية ..
ج – تصحيح مسيرة المملكة الإعلامية وصنع منظومة متكاملة متلازمة متناغمة من ( الإستراتيجيّات و الخطط و البرامج ) في ضوء ( الأهداف و التحديات و المخاطر و الطوارئ … إلخ )
د – إستمرار الإعداد الرشيدِ لاستعادةِ قوّتِنا الإقتصادية و التنمويّة كما تطمح إليها ( رؤية السعودية 2030 ) بكل الإصرارِ و العنفوانِ و حشدِ الرجال و الكفاءات ..
هـ – صيانةُ نَسيجِ وحدةِ المصير و المستقبل و الأهداف بين القيادة و الشعب ، باعتباره ليس وليد اليوم و لا الظروف .. بل بُنْيانٌ مرصوصٌ منذ زمن بعيد ..
و – هذا وقتُ التلاحم خلف القيادة فليس الوقت وقت ( إقتصاص ) و لا ( إقتناص ) رايتُنا واحدة و بوصلتُنا رشيدةٌ بهَدْيِ الله ..
ز – ينبغي أن نُحذِّر من السلاح الذي لا يُقهر وهو سلاح الجبناء يستخدمه الأقوياء لكوْنه أشنع من أسلحتهم و عتادهم جنوده جاهزون سريعون بلا أجرٍ و لا كُلْفةٍ يُدمّر دولاً ويُخذّلُ شعوباً ويجرف مُكتسباتٍ ويُشعلُ نفوساً بالبغضاء و الشحناء فلا يعود السِّلْمُ و الراحةُ لأيٍ منها , إنه ( سلاح الإشاعات ) سُدُّوا أبوابَه قادةً و مواطنين ..
اللهم احفظ علينا امننا واماننا